في خطوة حازمة تعكس حرص وزارة الداخلية على صون هيبة الإدارة الجماعية وحماية الموظفين من أي تجاوز أو تدخل غير قانوني، عمّمت المصالح المركزية للوزارة توجيهات صارمة إلى عمال العمالات والأقاليم بجهات الدار البيضاء–سطات، مراكش–آسفي، والرباط–سلا–القنيطرة، تدعوهم إلى عقد اجتماعات فورية مع رؤساء وأعضاء المجالس الجماعية لتذكيرهم بضرورة التقيد الصارم بمقتضيات القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، خصوصًا المادة 66 منه.
وتنص هذه المادة بوضوح على منع أي عضو جماعي، باستثناء الرئيس ونوابه، من ممارسة أو التدخل في المهام الإدارية للجماعة أو التوقيع على الوثائق الرسمية أو إدارة المصالح الجماعية.
تدخلات مرفوضة وتجاوزات مقلقة
التعليمات الجديدة جاءت على خلفية تنامي ظاهرة تدخل بعض المنتخبين في شؤون الموظفين الجماعيين، حيث سجلت الوزارة شكايات متعددة من موظفين تعرضوا لضغوط واعتداءات لفظية وجسدية من طرف مستشارين جماعيين حاولوا التأثير في قراراتهم أو إرغامهم على خرق القانون.
بعض هذه القضايا، وفقًا لمصادر مطلعة، بلغت ردهات المحاكم الزجرية في شكل دعاوى تتعلق بالسب والقذف والضرب والجرح، وهو ما دفع وزارة الداخلية إلى التدخل بحزم لضمان احترام القانون وحماية الكرامة المهنية للموظف الجماعي.
ضبط العلاقات داخل الجماعات
وشدّدت التوجيهات على ضرورة ضبط علاقة المنتخبين بالموظفين، خاصة في ظل تسجيل حالات استغلال قرابة أو مصالح شخصية للحصول على تراخيص أو شهادات إدارية بطرق غير مشروعة.
وأكدت المصادر ذاتها أن بعض المستشارين الجماعيين، خصوصًا في جماعات بضواحي الدار البيضاء، يستغلون صفاتهم الانتخابية ومواقعهم للتأثير على سير العمل داخل المكاتب الجماعية، أو تسهيل مصالح مرتبطة بنشاطاتهم الخاصة في مجال العقار والإنعاش.
حماية الموظفين وترسيخ الحياد الإداري
التعليمات الملكية السامية والتوجيهات الوزارية جاءت في إطار تفعيل مبدأ الحياد الإداري وتكافؤ الفرص بين المواطنين، وتجسيدًا لمقتضيات الدستور المغربي الذي يضع خدمة المواطن فوق أي اعتبار سياسي أو شخصي.
وقد تمت دعوة الباشوات والقياد إلى مواكبة رؤساء الجماعات وأعضائها في تطبيق القانون واحترام حدود الاختصاصات، مع العمل على حماية الموظفين من أي تجاوز أو ترهيب أثناء أداء مهامهم.
كما حثت وزارة الداخلية على التفاعل السريع مع شكايات الموظفين الجماعيين، والتصدي لأي محاولة للمساس بنزاهة أو شفافية العمل الإداري، مشيرة إلى أن تغوّل بعض المنتخبين لن يُسمح له أن يمس بصورة المؤسسة الجماعية التي تمثل الإدارة المواطنة في خدمة التنمية المحلية.
رسالة واضحة: لا أحد فوق القانون
بهذه الخطوة الحازمة، تؤكد وزارة الداخلية أن العمل الجماعي ليس مجالًا لتصفية الحسابات أو تحقيق المصالح الشخصية، بل هو خدمة وطنية ومسؤولية أخلاقية وقانونية تستوجب الانضباط والالتزام بالقواعد المؤطرة.
وفي الوقت نفسه، تُجدد الوزارة حرصها على دعم الموظف الجماعي وتمكينه من أداء مهامه في بيئة آمنة ومحايدة، وفق الرؤية الملكية السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، الذي ما فتئ يؤكد على ترسيخ دولة الحق والقانون وتخليق المرفق العمومي في سبيل خدمة الوطن والمواطن.
التعبيراتالتعبيرات
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.