دور اختصاصات الجماعة الترابية في تحقيق التنمية المحلية وتقديم خدمات القرب وفق أحكام القانون التنظيمي رقم 113.14

top



دور اختصاصات الجماعة الترابية في تحقيق التنمية المحلية وتقديم خدمات القرب وفق القانون التنظيمي رقم 113.14

المقدمة

تُعتبر الجماعة الترابية إحدى الركائز الأساسية للنظام اللامركزي الذي تبناه الدستور المغربي لسنة 2011، والذي يقوم على مبادئ التدبير الحر، القرب، والحكامة الترابية الجيدة. وفي هذا الإطار، جاء القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات ليُحدد اختصاصاتها وآليات عملها، ويمنحها صلاحيات متدرجة تمكّنها من الاضطلاع بدورها التنموي داخل مجالها الترابي. ومن خلال هذه الصلاحيات، تساهم الجماعة في تقديم خدمات القرب وتحقيق التنمية المحلية المستدامة.

الإطار العام لاختصاصات الجماعة

نصّت المادة 77 من القانون التنظيمي رقم 113.14 على أن الجماعة تضطلع داخل دائرتها الترابية بتقديم خدمات القرب للمواطنات والمواطنين، وتمارس لهذا الغرض اختصاصات ذاتية ومشتركة ومنقولة وفق مبدأي التدرج والتمايز. ويمثل هذا المقتضى الأساس القانوني الذي يُحدد طبيعة تدخل الجماعة في تدبير الشأن المحلي.

الاختصاصات الذاتية للجماعة

تمثل الاختصاصات الذاتية الصلاحيات الأصيلة التي تمارسها الجماعة باستقلالية، وتشمل حسب المادة 83 وما يليها:

  • توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء.
  • النقل العمومي الحضري والإنارة العمومية.
  • جمع ومعالجة النفايات والتطهير السائل والصلب.
  • تنظيم السير والجولان وحفظ الصحة.
  • تدبير الأسواق والمجازر والمقابر والمنتزهات.

كما نصت المادة 78 على إعداد برنامج عمل الجماعة لمدة ست سنوات، يتضمن تشخيص الحاجيات وتحديد الأولويات ومراعاة مقاربة النوع، مما يكرس الطابع التخطيطي والتشاركي للتنمية المحلية.

الاختصاصات المشتركة مع الدولة

حددت المواد 87 إلى 89 مجالات الاختصاص المشترك بين الدولة والجماعة، والتي تُمارس في إطار تعاقدي لضمان النجاعة والتكامل، وتشمل:

  • تنمية الاقتصاد المحلي وإنعاش التشغيل.
  • الحفاظ على التراث الثقافي وتنميته.
  • تشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال.
  • إحداث المرافق الاجتماعية والثقافية والرياضية (دور الشباب، المراكز النسوية، المكتبات...).

الاختصاصات المنقولة من الدولة إلى الجماعة

نصت المادتان 90 و91 على إمكانية نقل بعض الاختصاصات من الدولة إلى الجماعات، وفق مبدأي التدرج والتمايز، وتشمل مجالات مثل:

  • حماية وترميم المآثر التاريخية والتراث الثقافي.
  • المحافظة على المواقع الطبيعية.
  • إحداث وصيانة المنشآت والتجهيزات المائية الصغيرة والمتوسطة.

التعاون الدولي كرافعة للتنمية المحلية

أجاز القانون التنظيمي في المادتين 92 و93 للجماعات إمكانية عقد شراكات وتعاون دولي مع فاعلين من خارج المملكة بعد موافقة السلطات العمومية المختصة. يتيح هذا الإطار تعزيز تبادل الخبرات وجلب التمويلات الخارجية لدعم المشاريع التنموية المحلية.

الخاتمة

يتضح أن المشرع المغربي من خلال القانون التنظيمي رقم 113.14 منح الجماعة الترابية صلاحيات متدرجة وواسعة تمكّنها من المساهمة الفعلية في التنمية المحلية وتقديم خدمات القرب للمواطنين. ويظل تفعيل هذه الصلاحيات رهينًا بتعزيز القدرات التدبيرية والمالية للجماعات واعتماد مبادئ الحكامة الجيدة والتشارك لضمان التنمية المستدامة.

المراجع القانونية:
- القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، الظهير الشريف رقم 1.15.85 بتاريخ 7 يوليوز 2015.
- المواد: 77، 78، 83، 87، 88، 89، 90، 91، 92، 93.
- الدستور المغربي لسنة 2011 (الفصول 135 إلى 146).


التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.