الدعم العمومي للجمعيات ومذكرة السيد وزير الداخلية الموجهة للسادة العمال والولاة، تكريس للشفافية أم سحب للاختصاص ؟

التصنيفات
top

بقلم رشيد الركراك : الكاتب العام لجمعية الأطر التقنية والإدارية بجماعة العرائش 


مع اقتراب موعد توزيع الدعم والمنح على الجمعيات، وتزايد النقاش حول الاستحقاق، وجه السيد وزير الداخلية مذكرة إلى كافة عمال العمالات وولاة الجهات بتاريخ 05 أبريل 2018 تحت عدد D2185، ورد فيها بأن وزارته لاحظت أن تعامل الجماعات الترابية مع الجمعيات لا يحترم في حالات عديدة المقتضيات القانونية المنظمة  للدعم ،وأضافت المراسلة أن مجموعة من طلبات الاستشارة حول الموضوع لا تفتأ ترد على المصالح المختصة بوزارة الداخلية وهو ما استدعى، حسب مذكرة السيد الوزير، التدخل ببيان القواعد الواجب احترامها في هذا الباب من طرف الجماعات الترابية والتي يجب أخذها بعين الاعتبار عند ممارسة مهام الرقابة الإدارية من طرف  السادة العمال والولاة.

لا بد في البداية وقبل استقراء مضمون المذكرة الوزارية أن نشير إلى أن المغرب قد عرف ارتفاعا كبيرا لعدد الجمعيات مما أدى بالضرورة إلى ارتفاع الطلب على الدعم العمومي ، وهو ما يفرض ضبط هذه العملية وعقلنتها، خصوصا وأن أصابع كثيرة تشير إلى وجود خروقات تشهدها هذه العملية خاصة في بعض الجماعات الترابية حيت لازالت في مجموعة من الأحيان المحاباة والإرضاءات السياسية هي الوسيلة الوحيدة المؤدية للاستفادة من الدعم العمومي، في حين أنه من المفروض أن يوزع هذا الدعم الذي يعتبر مالا عموميا عبر شروط وضوابط ومساطر دقيقة تحكمها المصداقية والنزاهة، لا سيما وأن هناك مجموعة من الجمعيات تشتغل بشكل جدي ولها رؤية  واضحة استطاعت من خلالها  أن تحقق نتائج مبهرة على أرض الواقع مما جعلها تساهم إلى جانب الدولة في تحقيق التنمية المحلية الفعلية والشاملة لأجل ذلك دعا لفتيت في مذكرته المشار إليها أعلاه الولاة والعمال على الحرص على احترام الجماعات الترابية لمختلف الشروط والقواعد المعتقلة بالتعامل مع الجمعيات ضمانا لمشروعية أعمالها ولتحقيق الأهداف المتوخاة منها بما يخدم الصالح العام والتنمية الترابية المنشودة ، ومن خلال قراءة بسيطة لفحوى المذكرة نلاحظ ما يلي :

1. أن الجهات ومجالس الأقاليم والعمالات غير معنية بتحويل الدعم للجمعيات مادام أن قوانينها التنتظيمية لا تنص على ذلك ، وبالتالي فأي دعم في إطار"  منحة " تقدمه هذه الجماعات للجمعيات يبقى غير ذي سند قانوني ويؤدي إلى المحاسبة.

2. أن هذا الاختصاص في توزيع الدعم يبقى حصرا على مجالس الجماعات الترابية طبقا للمادة 92 من القانون التنظيمي 113.14

3. أن الجماعات ملزمة بتشكيل لجان تقنية على غرار ما هو معمول به في دراسة ملفات طلبات الدعم المقدمة ل  I N D H  تكلف بدراسة طلبات الدعم وذلك قبل إحالتها على اللجان المختصة والمجلس  الجماعي للبث فيها طبقا للقانون .

4. أن مجالس العمالات والأقاليم والجهات يمكنها إبرام اتفاقيات شراكة مع الجمعيات شرط إنجاز مشروع ذو فائدة مشتركة بين هذه الجمعيات ومجالس الأقاليم حسب الحالة أو بغرض إنجاز الجمعية لمشروع مشترك يدخل في إطار الاختصاصات الذاتية للجهات ومجالس الأقاليم مع إلزامية استلهام المساطر المعتمدة في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية  في إطار الحكامة الجيدة وضرورة التقاء هذه المشاريع والاتفاقيات مع السياسة العمومية وبرامج  عمل الجهات ومجالس الأقاليم.

وبناءا عليه يبدو أن مذكرة السيد وزير الداخلية وصدورها في هذه الفترة بالتحديد تهدف إلى تكريس المزيد من المصداقية على صرف المال العمومي وجعل هذا الصرف تحت إشراف ومراقبة السلطة الإدارية فهل الأمر لا يعدو أن يكون مجرد مذكرة توجيهية لا اقل ولا أكثر أم هي تكريس جديد للمزيد من سحب البساط من تحت يد السياسيين والمنتخبين ؟


التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.