الاشكاليات المتعلقة بالاجراءات المسطرية المتعلقة بعقد الدورات

top

لقد جاءت القوانين التنظيمية الثلاث المتعلقة بالجماعات الترابية الصادرة بتاريخ 07/07/2015 بالكثير من المستجدات على صعيد تسيير المجالس التداولية على صعيد الجهات، والعمالات والاقاليم والجماعات، كما جاءت حافلة بالكثير من الغموض والتناقضات على أكثر من صعيد، ولاسيما على مستوى تنظيم انعقاد دورات المجلس الجماعية، ومجالس العمالات والاقاليم. وهذا الغموض، وتلك التناقضات هو ما سأحاول الكشف عنه وتبديده قدر الامكان في هذه العجالة. 

1-في مفهوم الدورة :Session

سأتحدث هنا عن مفهوم الدورة في اطار القوانين المؤطرة للجماعات الترابية دون غيرها ، ولاسيما كما جاءت في القوانين التنظيمية والميثاق الجماعي السابق، وظهير التنظيم الجماعي لسنة 1976.فالمقصود بالدورات هي تلك الاجتماعات القارة التي تجري خلال السنة بشكل دوري في إطار جلسة أو عدة جلسات، والمحددة مواعيد انعقادها بمقتضى القانون. مثال ذلك انه حسب القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، فان مجالس الجماعات تعقد وجوبا ثلاث دورات عادية خلال أشهر فبراير وماي وأكتوبر، ويعقد مجلس الجهة وجوبا جلساته أثناء ثلاث دورات عادية في السنة خلال أشهر مارسو يوليو و أكتوبر، حسب المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 14.111 المتعلق بالجهات. أما الاجتماعات لعقد الدورة العادية فيجب أن تكون في الأسبوع الأول من الشهر المحدد لانعقاد الدورة بالنسبة للجماعات،يوم الاثنين الثاني من الشهر المحدد لعقد الدورة العادية أو في اليوم الموالي من أيام العمل إذا صادف هذا التاريخ يوم عطلة طبق المادة 34 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، وفي يوم الاثنين الاول من الشهر المحدد لانعقاد الدورة او اليوم الموالي اذا صادف الاثنين يوم عطلة، بالنسبة للجهات. وحسب المادة 33 و34 و36 أعلاه، فان الدورة تتكون من جلسة أو عدة جلسات.

 إذن ماهو الفرق بين كل من الدورةSession والجلسة Séance والاجتماع Réunion ؟

على ضوء ماسبق ذكره في مفهوم الدورة، فلكي تتحقق الدورة فعلا يجب ان يكون هناك اجتماع للمجلس التداولي في إطار جلسة أو عدة جلسات. وهكذا فان اجتماع المجلس التداولي بعد استدعائه (أو إشعاره طبقا للمصطلح الجديد الوارد في القانون التنظيمي) لانعقاد الدورة، لايعني بأية حال بأن الدورة قد انعقدت فعلا. فلابد أن يكون الاجتماع قد تم في إطار جلسة، أو عدة جلسات ، عند الاقتضاء. وهكذا، فالجلسة تعني الفترة الزمنية التي يجتمع فيها المجلس التداولي ويقوم بالتداول في جدول اعمال الدورة، أي القيام بأشغال الدورة Travaux de la session : . أما الاجتماع فمعناه حضور عدد معين من أعضاء المجلس لعقد جلسة، حيث لايمكن أن تنعقد هذه الأخيرة الا في إطار النصاب القانوني المنصوص عليه في القانون الجاري به العمل، وفي حالة تعذر حصول النصاب تؤجل الجلسة لاجتماع لاحق. هذا مانستشفه مثلا من خلال المادة 33 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات(الفقرات الأربعة الأولى) :

  • يعقد مجلس الجماعة وجوبا جلساته أثناء ثلاث دورات عادية في السنة خلال أشهر فبرايروماي وأكتوبر.
  • يجتمع المجلس في الأسبوع الأول من الشهرالمحدد لعقد الدورة العادية.
  • تتكون الدورةمن جلسة أوعدة جلسات. ويحدد لكل دورة جدولة زمنية للجلسة أو للجلسات والنقط التي سيتناول في شأنها المجلس خلال كل جلسة.
  • تحدد المدة الزمنية للجلسات وتوقيتها في النظام الداخلي للمجلس .≥
  • وكذلك من خلال المادة 42 التي تنص على ما يلي:
  • لا تكون مداولات مجلس الجماعة صحيحة إلا بحضور أكثرمن نصف عدد أعضائه المزاولين مهامهم عند افتتاح الدورة.

إذا لم يكتمل النصاب القانوني للمجلس بعد استدعاء أول. يوجه استدعاه ثان في ظرف ثلاثة (3)  أيام على الأقل وخمسة (5) أيام علىالأكثربعد اليوم المحدد للاجتماع الأول، ويعد التداول صحيحا بحضورأكثرمن نصف عدد الأعضاء المزاولين مهامهم عند افتتاح الدورة.

إذا لم يكتمل في الاجتماع الثاني النصاب القانوني المشاراليهأعلاه، يجتمع المجلس بالمكان نفسه وفي الساعة نفسهابعد اليومالثالث الموالي من أيام العمل، وتكون مداولاته صحيحة كيفما كان عددالأعضاء الحاضرين.

يحتسب النصاب القانوني عند افتتاح الدورة. وكل تخلف للأعضاءعن حضور جلسات الدورة أو الانسحاب منها لأي سبب من الأسباب خلال انعقادها لا يؤثرعلى مشروعية النصاب وذلك ال حين انتهائها.≥

يتضح جليا اذن ان المجلس لايمكن ان يتداول في نقط جدول الاعمال الا بتوفر النصاب القانوني ولايمكن ان تنعقد الدورة الا بتوفر هذا الشرط.

2- في مدة الدورة: Durée de la session 

حسب المادة 34 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات فإن مدة الدورة لايمكن أن تتجاوز خمسة عشر يوما متتالية.ويمكن تمديد هذه المدة لمرة واحدة دون ان يتعدى سبعة أيام متتالية من أيام العمل. بالنسبة للتمديد فالجملة واضحة، لكن بالنسبة للفترة العادية فلم يتحدث المشرع عن خمسة عشر يوما من أيام العمل مما يوحي بانها تشمل كذلك أيام العطل، عكس ماكان عليه الامر سابقا بالنسبة للميثاق الجماعي حيث تم التنصيص في المادة 60 منه على أن مدة الدورة العادية هو خمسة عشر يوما متتالية من أيام العمل. عدم التنصيص على خمسة عشر يوما من أيام العمل جعل بعض الجماعات تعقد دوراتها خلال أيام العطل بما في ذلك يوم السبت والأحد، وهو ما يتنافى والقانون الجاري به العمل في الادارات العمومية والجماعات المحلية والمتعلق بمواقيت العمل القانونية.

 لكن، والحالة هذه، متى يبدأ سريان مدة الخمسة عشر يوما ؟ هل يحتسب من اليوم الاول للاجتماع حتى ولو لم يكتمل فيه النصاب القانوني، أم لاتحتسب هذه المدة الا بعد توفر النصاب القانوني لانعقاد الجلسة؟ 

الجواب على هذا التساؤل يستشف من التعريفات المذكورة أعلاه لكل من مفهوم الدورة، والجلسة، والاجتماع. كما يستخلص بشكل قطعي من خلال الفقرة الاولى من المادة 42 المشار اليها أعلاه، والتي تقضي بان افتتاح الدورة لايكون الا بعد توفر النصاب القانوني. لذلك، فان مدة 15 عشر يوما تحتسب ابتداء من تاريخ الاجتماع الذي توفر فيه النصاب القانوني.

3- في آجال انعقاد الدورات العادية والدورات الاستثنائية.

من الواضح بأن الميثاق الجماعي السابق كان أكثر دقة وفعالية في تنظيم تسيير المجلس الجماعي، ولاسيما فيما يتعلق بتنظيم الدورات، وتحديد اجل انعقادها، وأجل تبليغ جدول أعمالها. فقد جرى العمل في اطار الميثاق المذكور بان تنعقد الدورة خلال اجل 11 أو 12 يوما فقط ، بالنسبة للدورة العادية(8 أيام لاخبار السلطة وثلاثة أيام، بعد حصر جدول الاعمال النهائي) وبعد ثلاثة أيام من تاريخ توجيه الاستدعاءات بالنسبة لعقد الدورة الاستثنائية. لكن الأمر أصبح أكثر تعقيدا بعد دخول القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات حيز التنفيذ. فأجل انعقاد الدورة ، سواء كانت عادية أم استثنائية أصبح أكثر تمددا، كما سيتضح لاحقا في هذه العجالة، عوض أن يتم تقليصه في القانون التنظيمي المذكور، تماشيا مع العصر الذي نعيشه، ألا وهو عصر السرعة وربح رهان الوقت. 

 وهكذا، فانه الى جانب الدورات العادية أقر المشرع عقد دورة استثنائية كلما اقتضت الضرورة ذلك، سواء باقتراح من رئيس المجلس أو من الأعضاء أو من العامل أو من ينوب عنه. والدورة الاستثنائية تنعقد ، كما هو معروف، لدراسة مسائل طارئة وغير مرتقبة ولاتحتمل تأجيل البث فيها الى حين موعد الدورة العادية المقبلة، لأن تأجيل البث فيها سيجعل المراد من دراستها والتقرير فيها لايتحقق على أرض الواقع، أو قد ينجم عن ذلك التأخير حصول ضرر لا يمكن تداركه. لذلك فان هذه الدورات الاستثنائية لا تكون دورية ولا يحدد موعد انعقادها مسبقا إلا بعد ظهور دواعي وأسباب موضوعية. فماهو آجل انعقاد الدورة الاستثنائية؟

بالنسبة للميثاق الجماعي السابق فالأمر كان واضحا، كما سبق القول، وذلكمن خلال المادة 58 حيث ان الدورة، سواء كانت عادية أم استثنائية تنعقد بعد توجيه الاستدعاءات بثلاثة أيام على أقل تقدير، وتنعقد الدورة الاستثنائية اذا كانت بطلب من السلطة الادارية او من ثلث الاعضاء خلال الخمسة عشر يوما الموالية لتقديم الطلب. أما بالنسبة للقانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، فالأمر مختلف تماما من حيث الآجال حسب كل حالة على حدة. فاذا كان الطلب مقدما من طرف العامل أو من ينوب عنه، فان الدورة الاستثنائية تنعقد بحكم القانون خلال عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب (وليس من تاريخ التوصل به من طرف الرئيس) ، بحيث يتوجب على الرئيس توجيه الاستدعاءات (وليس الاشعارات كما ورد في المادة 35 !!...) ثلاثة ايام على الأقل قبل تاريخ انعقادها.وفي حالة لم يكتمل النصاب القانوني تؤجل الى اليوم الموالي من أيام العمل لتنعقد كيفما كان عدد الحاضرين من أعضاء المجلس.هذا من جهة ، أما من جهة ثانية واذا تقدم بالطلب أعضاء المجلس، فلا يكون انعقادها إلزاميا الا اذا كان تقديمه قد حصل من طرف أكثر مننصف أعضاء المجلس، لتنعقد ، في هذه الحالة، خلال 15 يوما من تاريخ تقديم الطلب، مع مراعاة أجلعشرين يوما قبل انعقادها لإخبار العامل بجدول الاعمال!!فإذا افترضنا بان الاغلبية المطلقة تقدمت بطلبها يوم فاتح نونبر 2015، وسجل الطلب مرفقا بجدول الاعمال بمكتب الضبط بالجماعة المعنية وتوصل به رئيس المجلسبنفس التاريخ، فان الدورة الاستثنائية يجب أن تنعقد في أجل أقصاه 16 نونبر2015، على أبعد تقدير. فأين أجل 20 يوما لإخبار العامل بجدول الاعمال؟ من الواضح ان هذا يستحل تحقيقه وأن هناك خطأ واضحا سقط فيه المشرع من خلال المادة 36 المومأ اليها أعلاه. ومن خلال بحثي عن السبب الذي جعل المشرع يسقط في هذا الاختلال تبين لي أن الأمر لايعدو كونه جاء نتيجة السرعة القصوى التي أعد فيها القانون التنظيمي المتعلق بالجماعاتوصودق عليه من طرف غرفتي البرلمان.وهكذا ، وبعد رجوعي الى مسودة القانون التنظيمي المذكور المعدة من طرف المديرية العامة للجماعات المحلية لوزارة الداخلية،  كما قدمها وزير الداخلية مرفقة بالمذكرة التقديمية المؤرخة في 07 يناير 2015، فان الأجل الذي كان منصوصا عليهفي المادة 36 من المسودة هو30 يوما، وليس 15 يوما. وهو ما ينسجم وأجل 20 يوما لتبليغ العامل بجدول الأعمال.لكن بعد توجيه المسودة الى الدراسة من طرف مايسمى بالمشرع العادي(أي البرلمان) تم تعديل مقتضيات هذه المادة لتصبح مستحيلة التطبيق بحذافيرها ،على هذا الصعيد. كما ينسجم أجل 30 يوما، كذلك، مع ماجاء به القانون التنظيمي المتعلق بالجهات في المادة 39 منه التي تنص ، من ضمن ماتنص عليه، على أنه: ≤  إذا قدم الطلب من قبل الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس، تنعقد لزوما دورة استثنائية على أساس جدول أعمال محدد خلال ثلاثين (30)  يوما من تاريخ تقديم الطلب، مع مراعاة مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 41 أدناه.≥غير أن القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والاقاليم، من خلال المادة 37 منه، سقط في نفس المطب الذي سقط فيه القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات بتحديد أجل 15 يوما كذلك.

4- في كيفيات انعقاد الدورات العادية والدورات الاستثنائية.

اذا كان انعقاد الدورة الاستثنائية قد جاء بمبادرة من الرئيس أو من أعضاء المجلس ، فإن كيفيات انعقادها تكون- شأنها شأن الدورات العادية- وفق ماهو منصوص عليه في المادتين 35 و42 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات. أي ضرورة أن يقوم الرئيس بإخبار أعضاء المجلس بانعقاد الدورة بتوجيه إشعار مكتوب مرفقا بجدول الاعمال عشرة أيام على الاقل قبل تاريخ انعقاد الدورة، مع احترام النصاب القانوني كما هو محدد بالمادة 42 والذي عرضته بتفصيل اعلاه، ولاسيما ماجاء فيه كالتالي :≤إذا لم يكتمل النصاب القانوني للمجلس بعد استدعاء أول. يوجهاستدعاه ثان في ظرف ثلاثة (3) أيام على الأقل وخمسة (5) أيام علىالأكثربعد اليوم المحدد للاجتماع الأول، ويعد التداول صحيحا بحضورأكثرمن نصف عدد الأعضاء المزاولين مهامهم عند افتتاح الدورة..≤  غير ان ما يلاحظ هنا هو ان المشرع لم يحدد أجلا معينا لانعقاد الدورة في حالة لم يكتمل النصاب بعد استدعاء أول، فيما حدد، بدل ذلك،أجل إرسال الاستدعاءات ( لاحظ هنا أيضا استخدم كلمة استدعاءات بدل إشعارات، وهو ما يدل على غياب الدقة في الصياغة اللغوية ). مقابل هذا، فان المشرع قد نص على انعقاد الدورة بعد اليوم الثالث من أيام العمل بعد الاجتماع الثاني الذي لم يكتمل فيه أيضا النصاب القانوني.

علاوة على هذا، فان كيفيات انعقاد الدورة الاستثنائية في الحالة التي تكون بطلب من العامل أو من ينوب عنه، وفق ما جاء في المادة 37 من القانون التنظيمي رقم 14.113 تتمثل في احترام النصاب القانوني للاغلبية المطلقة للأعضاء المزاولين مهامهم  في الاجتماع الاول فقط، فان لم يكتمل النصاب تنعقد الدورة في اليوم الموالي من أيام العمل مهما كان عدد الحضور.

 تأسيسا على ما سبق ، يتضح جليا بان أجل انعقاد الدورة الاستثنائية لايطرح أي مشكل اذا كان انعقادها بطلب من السلطة الادارية، في حين أن تحديد أجل 30 يوما لانعقادها يجعلها لاتختلف عن الدورة العادية، ولن تفي بالغرض الذي وجدت من أجله أصلا الدورات الاستثنائية، لاسيما في معالجة بعض المشاكل الطارئة والمستعجلة والتي تتطلب تدخلا مباشرا من طرف المجلس للتقرير في طريقة معالجة أي مشكل،  أو قضية من القضايا التي تدخل في اطار اختصاصاته الذاتية، لاسيما ما يتعلق بالمقررات التنظيمية التي أصبحت جميعها، بموجب القانون الجديد، من اختصاص المجلس التداولي. 




التعبيراتالتعبيرات

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.